کد مطلب:71197 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:288

الحدث الخالد











إن من طبیعة الزمن فی حركته نحو المستقبل، وابتعاده عن قضایا الماضی، هو أن یؤثر فی التقلیل من أهمیة الأحداث الكبیرة، التی یمر بها، وتمر به، ویساهم فی أفولها شیئاً فشیئاً، حتی تصبح علی حد الشبح البعید البعید، ثم قد ینتهی بها الأمر

[صفحه 19]

إلی أن تختفی عن مسرح الذكر والذاكرة، حتی كأن شیئاً لم یكن.

ولا تحتاج كبریات الحوادث فی قطعها لشوط كبیر فی هذا الاتجاه إلی أكثر من بضعة عقود من الزمن، مشحونة بالتغیرات والمفاجآت.

وحتی لو احتفظت بعض معالمها ـ لسبب أو لآخر ـ بشیء من الوضوح، ونالت قسطاً من الاهتمام، فلا یرجع ذلك إلی أن لها دوراً یذكر فی حیاة الإنسان وفی حركته، وإنما قد یرجع لأنها أصبحت تاریخاً مجیداً، یبعث الزهو والخیلاء لدی بعض الناس، الذین یرون فی ذلك شیئاً یشبه القیمة، أو یعطیهم بعضاً من الاعتبار والمجد بنظرهم، وربما یكون ثمة أسباب أخری أیضاً.

ولكن قضیة الغدیر، رغم مرور الدهور والأحقاب، وبعد ألف وأربع مائة سنة زاخرة بالتقلبات العجیبة، وبالقضایا الغریبة، ومشحونة بالحروب والكوارث، وبالعجیب من القضایا والحوادث.

ورغم المحاولات الجادة، والمتتابعة للتعتیم علیها، وإرهاقها بالتعلیلات والتعللات غیر المعقولة، باردة كانت أو ساخنة، بهدف حرفها عن خطها القویم، وعن الاتجاه الصحیح والسلیم.

وكذلك رغم ما عاناه ویعانیه المهتمون بها من اضطهاد

[صفحه 20]

وغربة، وتشرید ومحنة، وما یصب علی رؤوسهم من بلایا ومصائب، وكوارث ونوائب.

نعم، رغم ذلك كله وسواه، فإن هذه الحادثة بما تمثله من قضیة كبری للإیمان وللإنسان، قد بقیت ولسوف تبقی القضیة الأكثر حساسیة وأهمیة، لأنها الأكثر صلة بالإیمان وبالإنسان، والأعمق تأثیراً فی حیاة هذا الكائن، وفی بنیة شخصیته من الداخل، وعلی علاقاته بكل من وما یحیط به، أو یمت إلیه بأدنی صلة أو رابطة من الخارج.

وهی كذلك القضیة الأكثر مساساً وارتباطاً بمستقبل هذا الإنسان، وبمصیره، إنْ فی الدنیا، وإنْ فی الآخرة.

وهذا بالذات هو السر فی احتفاظ هذه القضیة بكل حیویتها، وحساسیتها بالنسبة إلیه، علی مر الدهور، وتعاقب العصور، ولسوف تبقی كذلك كما سیتضح فیما یأتی.



صفحه 19، 20.